CEO. Dr. Fahad Bin Mushayt

مقال فكري: الثورة السياحية السعودية:
رحلة المملكة العربية السعودية في الكشف عن الكنوز الثقافية والتراثية ومشاركتها عالميا.

شكّل الكشف عن رؤية 2030 لحظة فاصلة في تاريخ المملكة العربية السعودية، وكان بمثابة بداية لرحلة طموحة وملهمة يصنع غدها، ويضيء مستقبلها، عبر التعمق في جذور ثقافتها وتراثها العريقين. وفي ظل المساعي لتحقيق رؤية 2030، تشهد المملكة نمواً غير مسبوق وتحولاً سريعاً، تغذيه الاستثمارات في القطاعات الاستراتيجية.

وفي هذا الإطار، تُمكن رؤية 2030 المملكة العربية السعودية من تعظيم الاستفادة من الإمكانات الهائلة لتاريخها الطويل وثقافتها وتراثها الغنيين، والمضي بالبلاد نحو تحولٍ واسعٍ يشمل مختلف القطاعات الاقتصادية، خاصة وأن الحفاظ على التراث والثقافة يأتي في مقدمة أولويات الدولة -حفظها الله-.هذا النهج الطموح يرسم أوجه تشابه مع دول أخرى، مثل: إيطاليا ومصر واليابان، التي سخرت تراثها الثقافي لتعزيز الروابط التي تجمعها بالعالم، وزيادة نموها الاقتصادي. وتقديم عجائب إيطاليا المعمارية، وعجائب مصر العريقة، وتقاليد اليابان الراسخة إلى الملايين من السياح الذين يتمتعون بذائقة عالية في مجال الثقافة، ما يعزز الازدهار الاقتصادي للبلاد من خلال النهوض بقطاع السياحة. وبالمثل،نحن في المملكة العربية السعودية ملتزمون باستعراض تنوعنا الثقافي، سواء في التقاليد أو المواقع الأثرية أو الفنون الشعبية وغيرها من المجالات، ما يفتح العديد من الفرص المهمة لتعزيز مساهمة هذا القطاع في صياغة مستقبلٍ واعدٍ للمملكة.

تنتشر عجائب الطبيعية في ربوع مملكتنا، من ساحل البحر الأحمر الساحر إلى الصحاري الذهبية والجبال الخضراء الخلابة، ولا تقتصر كنوزها على العوامل الجغرافية، بل تمتد لتشمل تراثنا الغني وثقافتنا الفريدة. وبالتالي، تقع على عاتقنا مسؤولية مشاركة هذه الجواهر مع العالم، ودعوة السياح لتجربة روح السعودية الدافئة، والتعرف على شعبها المضياف.

وتعزيزاً لجهود المملكة وطموحاتها في قطاع السياحة، شهدنا مؤخراً إطلاق صندوق الاستثمارات العامة لشركة " أسفار " السعودية للاستثمار السياحي التي تساهم في تسريع وتيرة النمو في قطاع السياحة، ورسم أفقٍ جديدٍ لمستقبلها.

تأسيس "أسفار" يثري نظرتنا إلى المملكة باعتبارها جوهرة متعددة الأوجه، قادرة على إحداث تأثير إيجابي مضاعف عبر مختلف القطاعات؛ بما في ذلك خلق فرص العمل والتبادل الثقافي. ونتصور مستقبلًا شاملاً لبلدنا؛ تنتشر في كافة ربوعه منتجعات عالمية المستوى، وفنادق فاخرة، وتجارب ثقافية فريدة من نوعها تذهل الزوار وتمنحهم ذكرياتٍ لا تنسى.

منجمٌ من الفرص الاستثمارية الواعدة

وفي حين يتوقع أن يحقق قطاع الفنادق السعودي إيراداتٍ كبيرة تقدر بنحو 2.51 مليار دولار أمريكي لهذا العام، ينتظر أن يرتفع هذا الرقم إلى 3.02 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2027م. وفي ذلك دليلٌ مهمٌ على الإمكانات الواسعة التي يتميز بها قطاع الضيافة السعودي، ويسلط الضوء على الفرص العديدة المتاحة للمستثمرين من داخل المملكة وخارجها على حد سواء.

اليوم، توظف المملكة جهودها لتبرز تراثها الثقافي الغني، وطبيعتها الخلابة، وكرم ضيافة أهلها، إلى جانب مبادراتها الطموحة، لتصبح المملكة وجهة عالمية للسياحة والثقافة والترفيه.

ويمكنك أن تستشعر روح الفخر والطموح والالتزام لدى الجميع في المملكة من أفراد وشركاتٍ لتحقيق رؤية 2030 الملهمة سواءً في قطاع السياحة أو في القطاعات المختلفة الأخرى. وقد شرعنا جميعاً في مهمة استعادة تطوير أهم المواقع الأثرية لنقدم كنوزنا التاريخية للعالم عبر تجارب تراثية وثقافية مصممة بأسلوبٍ عصري تستند إلى بنية تحتية متينة، ووسائل راحة ومواصلات جيدة. 

وقد جاء تعزيز المملكة العربية السعودية لمكانتها كمركزٍ للاستثمار، ليستقطب العديد من علامات الضيافة العالمية، بالإضافة إلى سلاسل الفنادق وشبكات المطاعم والمقاهي المحلية والعالمية، والتي باتت تتطلع لدخول السوق السعودي، ما أسهم في الارتقاء بمعايير قطاعي السياحة والضيافة على المستوى الوطني، حيث سيجد المستثمرون الأجانب الدوليون والمحليون وفرة من الفرص في انتظار اغتنامها.

وباعتبارها محركاً رئيسياً لتطلعات السياحة في المملكة، تستثمر "أسفار" بالشراكة مع القطاعين العام والخاص بهدف تسخير إمكانات قطاعات الضيافة والتجزئة والمطاعم والترفيه؛ حيث تشكل كلٌ منها أساساً في مختلف المبادرات الاستراتيجية المتضمنة في رؤية 2030. كذلك، تسعى الشركة لدعم التنوع الاقتصادي في المملكة بشكلٍ مستدامٍ، وتوليد فرص العمل، إلى جانب رفع جودة حياة المقيمين والزوار.

إنماء وحفظ واستدامة

وفي حين تستثمر المملكة العربية السعودية بشكلٍ كبيرٍ في الحفاظ على تراثها وثقافتها، وتقاليدها التاريخية وتطويرها وتعزيزها، تدرك القيادة الرشيدة -– حفظها الله -– الإمكانات الكبيرة التي تتميز بها السياحة التراثية، مثل: الدرعية و القصور التاريخية و المواقع الدينية كما تسعى المملكة لجذب الباحثين عن الترفيه من خلال المشاريع التنموية العديدة الجاري تنفيذها حالياً؛ مثل: القدية وأمالا، والتي تساهم بفاعليةٍ في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، من حيث تعزيز السياحة البيئية، وسياحة المغامرات، وسياحة الاستشفاء أيضاً.

من جهة أخرى، تستفيد المملكة من مقوماتها الطبيعية من خلال تطوير وجهات سياحية عالمية مدعومة بوسائل الراحة الحديثة، خاصة في مشاريعها العملاقة؛ مثل: نيوم، ومشروع البحر الأحمر، والتي تضع الاستدامة البيئية في مقدمة أولوياتها.

ونحن في "أسفار" ملتزمون بترك إرثٍ إيجابي، انطلاقاً من احترامنا للمجتمعات المحلية والبيئة المحيطة بمشاريعنا. كما أننا لا نكتفي بمجرد التطوير، حيث نحرص على الاحتفاء بهذه الموارد، والحفاظ على منظومات البيئة المحلية وتعزيزها.

الآفاق الواعدة المقبلة

الكفاءات الوطنية، والطموح الكبير، مدعومة بالاستراتيجيات والأهداف المناسبة ستمكننا من تحقيق أهداف استراتيجية السياحة الوطنية، واستضافة 100150 مليون زائر من داخل المملكة وخارجها سنويًا بحلول العام 2030، تماشياً مع المساعي الهادفة لرفع مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من 10%.

اليوم، مع "أسفار"، يمكننا إطلاق إمكانات قطاع السياحة السعودي، ودعم الاقتصاد الوطني، واستحداث تجارب غير مسبوقة لنصنع تغييراً جذرياً في المجالات السياحية والثقافية والترفيهية على مستوى بلادنا الغالية.